responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 263
رضوان بكسر الراء وضمها كالعدوان [والعدوان] [1]. ثم قال تعالى: (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ لَيْسَ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْهُ. قيل:" هُمْ دَرَجاتٌ" متفاوتة، أي هم مختلفوا المنازل عند الله، فلمن ابتغى رِضْوَانَهُ الْكَرَامَةُ وَالثَّوَابُ الْعَظِيمُ، وَلِمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْهُ الْمَهَانَةُ وَالْعَذَابُ الْأَلِيمُ. وَمَعْنَى" هُمْ دَرَجاتٌ"- أَيْ ذَوُو دَرَجَاتٍ. أَوْ عَلَى دَرَجَاتٍ، أَوْ فِي دَرَجَاتٍ، أَوْ لَهُمْ دَرَجَاتٌ. وَأَهْلُ النَّارِ أَيْضًا ذَوُو دَرَجَاتٍ، كَمَا قَالَ: (وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ) [2]. فَالْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ لَا يَسْتَوِيَانِ فِي الدَّرَجَةِ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُونَ يَخْتَلِفُونَ أَيْضًا، فَبَعْضُهُمْ أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ الْكُفَّارُ. وَالدَّرَجَةُ الرُّتْبَةُ، وَمِنْهُ الدَّرَجِ، لِأَنَّهُ يُطْوَى رُتْبَةً بَعْدَ رُتْبَةٍ. وَالْأَشْهَرُ فِي مَنَازِلَ جَهَنَّمَ دَرَكَاتٌ، كَمَا قَالَ:" إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" [النساء: 145] [3] فَلِمَنْ لَمْ يَغُلَّ دَرَجَاتٌ فِي الْجَنَّةِ، وَلِمَنْ غَلَّ دَرَكَاتٌ فِي النَّارِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: جَهَنَّمُ أَدْرَاكٌ، أَيْ مَنَازِلٌ، يُقَالُ لِكُلِّ مَنْزِلٍ مِنْهَا: دَرَكٌ وَدَرْكٌ. وَالدَّرْكُ إِلَى أَسْفَلَ، وَالدَّرَجُ إلى أعلى.

[سورة آل عمران [3]: آية 164]
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164)
بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عَظِيمَ مِنَّتِهِ عَلَيْهِمْ بِبَعْثِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْمَعْنَى فِي الْمِنَّةِ فِيهِ أَقْوَالٌ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أَيْ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ. فَلَمَّا أَظْهَرَ الْبَرَاهِينَ وَهُوَ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَقِيلَ:" مِنْ أَنْفُسِهِمْ" مِنْهُمْ. فَشَرُفُوا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْمِنَّةُ. وَقِيلَ:" مِنْ أَنْفُسِهِمْ" لِيَعْرِفُوا حَالَهُ وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِمْ طَرِيقَتُهُ. وَإِذَا كَانَ مَحَلُّهُ فِيهِمْ هَذَا كَانُوا أَحَقَّ بِأَنْ يُقَاتِلُوا عَنْهُ وَلَا ينهزموا دونه. وقرى فِي الشَّوَاذِّ «[4]» " مِنْ أَنْفَسِهِمْ" (بِفَتْحِ الْفَاءِ) يَعْنِي مِنْ أَشْرَفِهِمْ، لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنُو هَاشِمٍ أَفْضَلُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ أَفْضَلُ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ. ثُمَّ قِيلَ: لفظ المؤمنين عام ومعناه خاص

[1] في هـ وج ود.
[2] الضحضاح: مارق من الماء على وجه الأرض ولا يبلغ الكعبين، فاستعارة للنار.
[3] راجع ج 5 ص 124.
[4] هذه قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفاطمة وابن عباس رضى الله عنهما.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 4  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست